ها قد ودعنا رمضان المبارك بنهاره الجميل و لياليه العطرة
ودعنا شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار
وهنا يجدر أن ننبه أن هذه الأمور ليست خاصة برمضان
فكل الأيام و كل الأوقات تحصل فيها على رحمة الله و مغفرته
و كلها أوقات يجب أن تحقق فيها التقوى و تتخلق بأخلاق القرآن فيها
هل حققنا التقوى و تخرجنا في مدرسة رمضان بشهادة المتقين ؟!
هل ربينا فيه أنفسنا ؟! و هل جاهدنا أنفسنا و شهواتنا و انتصرنا عليها أم غلبتنا العادات و التقاليد السيئة ؟
و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها
أخي الحبيب .. أختي المسلمة
إن كنت ممن استفاد من رمضان و حققت فيه صفات المتقين
فصمته حقاً و قمته صدقاً و اجتهدت في مجاهدة نفسك فيه
فاحمد الله و اشكره و اسأله الثبات على ذلك حتى الممات
و إياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله ، أرأيت لو أن إمرأةً غزلت غزلًا ، فصنعت بذلك الغزل قميصاً أو ثوباً ،
فلما نظرت إليه و أعجبها جعلت تقطع الخيوط و تنقضها خيطاً خيطاً بدون سبب .
فماذا يقول الناس عنها ؟!!
ذلك هو حال من يرجع إلى المعاصي و الفسق و المجون
و يترك الطاعات و الأعمال الصالحة بعد رمضان
فبعد أن تنعم بنعيم الطاعة و لذة المناجاة ترجع إلى جحيم المعاصي و الفجور !!
فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان
و لنقض العهد أحبتي مظاهر كثيرة عند الناس ، فمنها على سبيل المثال لا الحصر :
( ما نراه من تضييع الناس للصلوات مع الجماعة فبعد امتلاء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح التي هي سنة ،
نراها قد قلّ روادها في الصلوات الخمس التي هي فرض !. - العودة لمتابعة الأغاني و الأفلام .. التبرج و السفور ... إلخ )
و هذا من علامات عدم قبول العمل و العياذ بالله ؛ لأن الصائم حقيقة يفرح يوم العيد بفطره و يحمد و يشكر ربه على إتمام الصيام
و مع ذلك يبكي خوفاً ألا يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان ! يسألون الله القبول
فمن علامات قبول العمل أن ترى العبد في حال أحسن من حاله السابق و أن ترى فيه إقبالاً على الطاعة
و هكذا يجب أن يكون العبد مستمر على طاعة الله ، ثابت على شرعه ، مستقيم على دينه
لا يروغ روغان الثعالب، يعبد الله في شهر دون شهر أو في مكان دون آخر أو مع قوم دون آخرين !!
بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور و الأيام ، و أنه رب الأزمنة والأماكن كلها
فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه و هو عنه راض ، قال - صلى الله عليه وسلم -: { قل آمنت بالله ثم استقم } [ رواه مسلم ]
فالله الله بالاستقامة والثبات على الدين في كل حين، فلا تدري متى يلقاك ملك الموت
فاحذر أن يأتيك و أنت على معصية .. ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك )
مر وهيب بن الرود على أقوام يلهون ويلعبون في يوم العيد فقال لهم :
" عجبًا لكم ، إن كان الله قد تقبل صيامكم فما هذا فعل الشاكرين ، و إن كان الله لم يتقبل فما هذا فعل الخائفين "
فكيف لو رأى حالنا هذا الزمان ؟!
أسأل الله أن يتقبل منا و منكم الصيام و القيام و سائر الأعمال
و أن يعيد علينا رمضان أعواماً عديدة و نحن في حال أحسن من حالنا
و قد صلحت أحوالنا و عزّت أمتنا و عادت إلى ربها عودة صادقة .. اللهم آمين